تآكل القيم وتطبيق القانون (٤)

يؤكد المقال أن الأطر الإنفاذية للقانون تشمل التشريعية والإجرائية، إضافة إلى الأطر السياسية والاقتصادية والإدارية والمجتمعية، مما يُعزِّز حكم القانون. يُشدد المقال على أن القوانين تعكس حالة المجتمع وتلبي احتياجاته، كما تعزز حوكمة مؤسسات الدولة وضبط عملية صنع القرارات. الأطر الفكرية والسياسية، أو الأيديولوجيا، تؤثر على شكل القوانين وطرق إنفاذها. تدعو المقالة إلى دولة ناظمة تضمن الأطر القانونية والإجرائية الفعالة، دون تعارض مع القوانين وبعيدة عن التأثيرات السياسية أو الاقتصادية. تم الإشارة إلى تقرير برنامج العدالة العالمي 2024 الذي منح مصر درجة منخفضة في هذا المجال، داعياً لتحسين فعالية القوانين.

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تتعدى أطر إنفاذ القانون الإطارين التشريعي والإجرائي إلى التعمق في عناصر الأطر السياسية والاقتصادية والإدارية والمجتمعية. ورغم ذلك لا يمكن إغفال أهمية الأطر التشريعية والإجرائية التنظيمية في تعزيز حكم وإنفاذ القانون.

وفي هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن القانون لا يعمل ولا يُسن من فراغ، بل هو انعكاس لحالة المجتمع ولابد وأن يأتي مستجيباً لاحتياجات أفراده. كما أنه يعزز من القدرة على حوكمة مؤسسات الدولة من خلال ضبط عملية صنع واتخاذ القرار.

وعليه، من الصعب فصل القانون عن الإطار السياسي والتشريعي الذي يعمل فيه. فعند مناقشة أدوار الدولة من قبل علماء السياسة والقانونيين والسياسيين لابد وأن يتجه النقاش نحو الإطار الفكري والعقائدي لدور الدولة: دولة متدخلة أم دولة ناظمة أم دولة حارسة. وهذه الأطر الفكرية السياسية، أو ما نطلق عليه العقيدة السياسية (الأيديولوجيا) تنعكس على طبيعة وشكل القوانين وطرق إنفاذها.

وتنحو العديد من النظم السياسية إلى وجود دولة ناظمة تُعنى بتوفير الأطر القانونية والتنظيمية والإجرائية والرقابة على تنفيذها والعمل على تطويرها وتحديثها بناء على المستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وتشكل الأطر التنظيمية مجموعة من القواعد واللوائح التي تحكم المؤسسات لضمان عملها بطريقة شفافة وعادلة وفعالة. كما تعمل تلك الأطر على توحيد مفهوم السياسات والمعايير والإرشادات الحكومية الرقمية وغير الرقمية وإضفاء الطابع المؤسسي عليها وإرشاد الجهات الحكومية خلال عملية تنفيذها. كما تهدف تلك الأطر إلى تحقيق مصالح الدولة والمجتمع في المقام الأول.

ولكي تعمل تلك التنظيمات بكفاءة لابد من التأكد من صياغة تلك التنظيمات بما لا يتعارض مع القوانين واللوائح، بل أن تأتي معززة لها. بالإضافة إلى ضرورة إنفاذها بكفاءة لحماية مصالح الدولة والمجتمع. كما أنه من الأهمية بمكان أن تساعد تلك التنظيمات على تطبيق الإجراءات دون تأخير غير مبرر سواء على المستويات المركزية وغير المركزية. فضلاً عن ضرورة احترام السلطات الوطنية الإجراءات القانونية عند تطبيق تلك التنظيمات. ومثال على ذلك احترام الحكومات لملكيات الأفراد وعدم وضع تنظيمات تخالف الحق في الملكية أو تستحوذ على تلك الملكيات بدون تعويضات ملائمة. وأخيراً وليس آخراً، لابد من إنفاذ التنظيمات بمعزل عن أي تأثير سياسي أو اقتصادي لصالح جماعة مصلحة أو جماعة ضغط ما، خاصة عندما يتعلق الأمر بإصدار التصاريح أو الرخص أو إدارة خدمات الصحة والبناء على سبيل المثال. وهنا يتضح مدى الارتباط الوثيق بين صحة التنظيمات والقدرة على إنفاذ القانون ومحاربة الفساد.

جدير بالذكر أنه في تقرير برنامج العدالة العالمي للعام ٢٠٢٤ والذي يقيس حالة العدالة في العالم، حصلت مصر في جانب وضع وإنفاذ الإجراءات التنظيمية على درجة ٠.٣٦ من ١، الأمر الذي يتطلب من الجهات المختصة والمعنية ضرورة متابعة الاعتبارات التي تم ذكرها والمتعلقة بالتأخير والفعالية والكفاءة وإنفاذ القانون وخدمة الصالح العام.

Source link

إرسال التعليق

ربما فاتتك