ترامب: من قفص المحاكم إلى بطل أمريكي
محاولة اغتيال المرشح الرئاسي دونالد ترامب في بنسلفانيا تثير مخاوف أمنية بالولايات المتحدة، حيث استخدم شاب في العشرينيات، بلا سوابق إجرامية، بندقية نصف آلية لرمي ترامب. الحادث يثير تساؤلات حول موقف ترامب من دعم حرية حمل السلاح وتأثيره على الكونغرس بشأن تشريعات الأسلحة. رغم فشل الاغتيال، زادت شعبية ترامب إلى 69%، وتلقى دعماً من رجال الأعمال والدول. القضية تكشف ضعف الأمن وكثرة العنف السياسي بالولايات المتحدة، حيث أصبح كل شيء مبرراً في الانتخابات. تصاعدت الدعوات لاستقلال الولايات عن الإدارة الأمريكية، مما يشير إلى احتمالية تفسخ الاتحاد مستقبلاً.
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
لا شك أن ما شهده العالم كله على الهواء مباشرة، من محاولة شاب أمريكي في العشرين من عمره اغتيال المرشح الرئاسي في الانتخابات الأمريكية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال مؤتمر انتخابي بولاية بنسلفانيا الأمريكية، يمثل كارثة أمنية بكل المقاييس للولايات المتحدة الأمريكية، خصوصًا أن الشاب المتهم ليس له أي سابقة إجرامية، واستخدم سلاحًا نصف آلي (بندقية إيه آر 15)، سعره لا يتعدى الـ500 دولار، في محاولة اغتيال ترامب.
وتثير محاولة الاغتيال عاصفة من الأسئلة؛ أهمها: هل سيتراجع ترامب عن دعمه لحرية الأمريكيين في حمل السلاح التي كفلها الدستور.. ويخسر جزءًا كبيرًا من أنصاره المؤيدين لحق حمل السلاح.. أم يظل على موقفه؟ وهل سيحدث الكونجرس الأمريكي تغييرًا تشريعيًا يظبط عملية شراء الأسلحة في الولايات المتحدة.. أم أن المسألة مسألة وقت وستنتهى (وتعود ريمة إلى حالتها القديمة)؟
ولكن الأمر المؤكد أن محاولة اغتيال ترامب، حولته إلى بطل قومي في نظر أنصاره، خصوصًا مع إصراره على رفع يده لأنصاره في المؤتمر الانتخابي في إشارة إلى استمراره في معركته الانتخابية، وهى اللقطة التي استطاع ترامب بذكاء شديد أن يحولها إلى لقطة سياسية تعاطفية خطيرة أصبحت هي حديث العالم، لا سيما مع ظهوره ووجه ويديه ملطخة بالدماء ويقول ما معناه عندنا إن (الضربة التي لا تقتلك تقويك)، فنسى الجميع محاكمة ترامب والاتهامات الموجهة له، وحديثه السابق عن رفضه نتيجة الانتخابات إذا لم تأتِ به رئيسًا، وهذا ما حدث بالفعل مع ارتفاع نسبة التأييد له من 45% تقريبًا إلى 69%، بل سارع العديد من رجال الأعمال، وعلى رأسهم إيلون ماسك لإعلان دعم ترامب سياسيًا وإنسانيًا واجتماعيًا ودعم حملته ماديًا، وهو ما يجعل من ترامب بلا شك سيد البيت الأبيض القادم، بل إن العديد من الدول سارعت لإعلان دعم ترامب، ومنها السعودية التي أرسلت رسالة دعم قوية إلى ترامب وأسرته؛ ما يدل على العلاقة القوية بين الأسرة المالكة السعودية وترامب.
ورغم فشل عملية الاغتيال وقتل منفذها فإن العملية في حد ذاتها ونجاح منفذها في الوصول إلى درجة إصابته في الأذن، ونجاة ترامب بالصدفة؛ بسبب تحركه ناحية اليمين، تدل على الفشل الذريع لجهاز الخدمة السرية المكلف بحراسة الرئيس الحالي والرؤساء السابقين ومرشحي الرئاسة الأمريكية، وهو الفشل الذي يعد امتدادًا للفشل الأمني في كل أجهزة الاستخبارات الأمريكية، سواء في التنبؤ بواقعة الاغتيال أو بطوفان الأقصى في غزة وصولًا إلى الخروج المذل للجيش الأمريكي من أفغانستان.
ورغم دعوات الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى وحدة للأمة الأمريكية، تظل هذه الدعوات مجرد شعارات جوفاء لا أساس لها على أرض الواقع، فالحرب مشتعلة بين الحزبين وكل حزب يستخدم أسلحته المشروعة وغير المشروعة للانقضاض على الآخر فى هذه التجربة الانتخابية الغريبة، في ظل حالة من العنف السياسي يشهدها الشارع الأمريكي، وهى مؤشر خطير لتفكك هذه الأمة الأمريكية فكل ولاية تستشعر بأنها دولة داخل الدولة لها أجهزتها الأمنية والقضائية والسياسية، وهذا يجعل التوحد الأمريكي شيئًا صعبًا جدًا جدًا؛ نتيجة حدوث تغييرات كبيرة في المجتمع الأمريكي في الفترة الأخيرة.
وهذه الظاهرة الخطيرة من العنف السياسي بين المرشحين والسياسيين تعطى دلالة خطيرة على أن كل شيء أصبح مباحًا ومتاحًا في الانتخابات الأمريكية بعيدًا عن القيم والأخلاق والشعارات التى كانوا يرددونها على مسامع دول العالم، والخطورة الأكبر لما يجرى في أمريكا هو تغيير تركيبة المجتمع الأمريكي حتى إن بعض الولايات تشعر بالظلم، وأصبح المواطن الأمريكي يدفع ثمن ما تقوم به الإدارات الأمريكية من قتل ودمار على مستوى العالم وخير دليل على ذلك ما يجري في غزة من إبادة جماعية والانتفاضة التي حدثت في الجامعات الأمريكية من الطلاب الأمريكيين خاصة اليهود والمسيحيين ورفضهم الدعم الأمريكي لإسرائيل ومطالبتهم بإلغاء كل التعامل الأكاديمي مع النتنياهو وحكومته.
كل هذه المتغيرات تحدث في ظل إحساس المواطن الأمريكي نفسه أنه يدفع الضرائب؛ لقتل شعوب العالم خاصة المسلمين وأبناء المسلمين.
فصدقونى ما يدور في الانتخابات الأمريكية بين ترامب وبايدن هي فوضى انتخابية وسياسية، ستجر الولايات المتحدة إلى نهايتها، خاصة أن الأسلحة في أيدي المواطنين، مثل السجائر مباحة ومستباحة للجميع.
والتساؤل: هل هي تمثيلية أم محاولة اغتيال حقيقية أم لعبة انتخابية صنعتها الحملة الانتخابية لترامب لكسب تعاطف الشعب الأمريكي؟
تخيلوا المشهد لو تم اغتيال ترامب واغتيال بايدن كرد فعل.. ماذا سيحدث في أكبر دولة تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان والحيوان؟.. هل ستكون عدالة سماوية؟ لأن ما يجرى في غزة والإبادة الجماعية، الفاعل الرئيسي فيها هي أمريكا مع اليمين المتطرف الإسرائيلي.
والتساؤل الأخطر ماذا لو وصل ترامب إلى حكم أمريكا للمرة الثانية؟! هل سيشعل الشرق الأوسط؟ هل سيحدث مواجهة مع إيران؟ هل سيمحو القضية الفلسطينية من الوجود بعد نقل السفارة إلى القدس والاعتراف بأنها إسرائيلية؟
صدقونى كما قولتها وأقولها وأكررها وأؤكدها أن (المتغطى بالأمريكان عريان)، وأن الشيطان الأكبر في طريقه إلى الانكسار، وأقول إن تفكك الولايات الأمريكية سيكون على أيدي الأمريكان أنفسهم، وهي بداية السقوط والنهاية كقوة كبرى في العالم.
فهناك محاولات تجرى لاستقلال بعض الولايات عن الإدارة الأمريكية، وسيتبعها المزيد من استقلال الولايات الأخرى، وهذا التفكك السياسي والأمني والاجتماعي سيكون بداية النهاية للولايات المتحدة الأمريكية.
أعتقد أن ترامب استطاع بمهارة وذكاء تكتيكي وانتخابي أن يحدث ضجة في أمريكا وفى العالم، وها هي مؤشرات وبيانات الرأي العام تجعله رئيسًا لأمريكا من الآن، وليس في شهر نوفمبر المقبل.
اقرأوا الفاتحة على روح ترامب وبايدن يرحمكم الله..
ولا عزاء للعرب.
إرسال التعليق