يد الدليل | مصراوي
أفاد سليمان جودة بفوز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان بمنصب الرئيس في إيران، وخسارة المتشدد سعيد جليلي. فوز بزشكيان كان مفاجئًا للبعض، خاصةً خارج إيران، نظرًا لتشدّد جليلي وقربه من المرشد الأعلى علي خامئني. دعا بزشكيان لعلاقات بناءة مع الغرب لإنهاء عزلة إيران. وعلى عكس التوقعات، اعترف جليلي بخسارته وهنأ بزشكيان. يبقى السؤال حول ما إذا كانت السياسة الإيرانية ستتغير تحت قيادة بزشكيان. إذ تبقى السلطة العليا بيد المرشد، الذي لم يعبر بعد عن رأيه في فوز بزشكيان. يظل التحقق من نوايا بزشكيان مرهوناً بتصرفاته المستقبلية.
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
سليمان جودة
فاز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان بمنصب الرئيس في إيران، وخسر المرشح المتشدد سعيد جليلي الذي كان ينافسه في جولة الانتخابات الثانية .
ولا بد أن فوز بزشكيان كان مفاجأة لكثيرين خارج ايران بالذات، لأن الظن كان أن يفوز جليلي بحكم تشدده، وبحكم أن ذلك يقربه بالتالي من فكر مرشد الثورة الإيرانية علي خامئني.
وقد خرج المرشح الفائز بتصريحات تدعو للتفاؤل بمجرد الإعلان عن فوزه، ومما قاله على سبيل المثال أنه يسعى الى علاقات بناءة مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع أوربا ومع الغرب عموماً لإخراج ايران من عزلتها.
وكان لافتاً أن جليلي أقر بالخسارة وهنأ المنافس الفائز، ثم دعا الى الوقوف معه ومساعدته بكل وسيلة ليحقق مصالح البلاد.. وهذا تقريباً هو نفسه ما حدث في بريطانيا عندما أقر ريشي سوناك، رئيس حزب المحافظين، بخسارته أمام المرشح الفائز كير ستارمر رئيس حزب العمال.
وسوف يكون السؤال الأهم في فوز بزشكيان عما إذا كانت السياسة الإيرانية تجاه المنطقة بالذات، وتجاه العالم في العموم، سوف يطرأ عليها تغيير أساسي، أم أن ما يردده ويقوله الرجل بعد فوزه هو من قبيل الأمنيات؟
الإجابة على هذا السؤال متروكة للممارسة العملية عندما يدخل بزشكيان مكتبه، ثم يبدأ في التعبير عما قاله وعما ردده عند الفوز.
وهي متروكة لذلك لسببين، أولهما أن النغمة السياسية التي كانت تخرج عن إيران في التصريحات الرسمية، لم تكن في الغالب هي التي يجدها المراقبون أمامهم على الأرض، وكانت هناك دائماً مسافة واسعة بين ما يقال وبين ما يجري العمل به في واقع الحال.
والسبب الثاني أن السياسة العليا في إيران ليست في يد رئيس البلاد في الحقيقة، ولكنها في يد رجل واحد هو مرشد الثورة.. ولا فرق بين أن يكون المرشد هو آية الله الخميني في السابق، أو أن يكون هو خامئني في اللاحق.. ففي الحالتين وفي كل الحالات يبقى المرشد هو صاحب الكلمة في السياسة الخارجية الإيرانية وفي كل شأن داخلي بطبيعة الحال.
وبسبب الحرص الشديد من جانب المرشد، فإنه لم يخرج عنه شيء حتى اللحظة عن رأيه في فوز بزشكيان.. وقد جرت العادة من قبل على أن يكون المرشح الفائز في سباق الرئاسة الإيراني هو المرشح القريب من عقل خامنئي، أو الذي يحظى برضاه على الأقل، ولكن في حالة هذا المرشح الفائز لم يتبين بعد مدى قربه من المرشد ولا مدى رضا المرشد عنه.
ليس بزشكيان هو المرشح الإصلاحي الأول الذي يفوز بالمنصب، فمن قبل كان هناك مرشحون فائزون إصلاحيون، وكان محمد خاتمي مثلاً من بينهم، ولكن يد المرشد كانت هي المسيطرة، وكانت هي التي تحرك وتتحرك في الأمور السياسية الأساسية.
وسوف نرى عندما ينخرط المرشح الفائز في العمل، ما إذا كان انفتاحه سيغلب على سياسته التي سيتبعها، أم أن يد المرشد ستظل هي المؤثرة كما كانت وهي القابضة؟.. سوف نرى لأنه لا شيء أمامنا يرجح احتمالاً على آخر.
إرسال التعليق