لن نخرج | مصراوي

الشعار “مش طالعين!” الذي رفعه الفلسطينيون في قطاع غزة أصبح تريند على مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة تفوق توقعات تل أبيب. يتكون الشعار من كلمتين، ولكنه يجسد الصمود الفلسطيني منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر، ويطالب حكومة نتنياهو بمراجعة حساباتها. الشعار يستعير اللهجة العامية المصرية ويتحدى السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى دفع الغزاويين لمغادرة أرضهم. رغم المطاردة المستمرة، الفسطينيون يظهرون تمسكًا بأرضهم أقوى مما يتصور الإسرائيليون والأمريكيون. الشعار يختصر حقيقة الحرب ويؤكد على أن الأرض فلسطينية وأن الرهان على خروج الفلسطينيين منها رهان فاشل.

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الشعار اللافت الذي رفعه الفلسطينيون في قطاع غزة، سرعان ما تحوْل الى تريند على مواقع التواصل الاجتماعي، وبأسرع مما كانت تل أبيب تتوقع .
ورغم أنه من كلمتين اثنتين، إلا أنه لخص القضية في قطاع غزة منذ بدء الحرب الوحشية عليه من جانب الإسرائيليين كما لم يلخصها شيء من قبل، ودعا حكومة بنيامين نتنياهو الى أن تعيد حساباتها التي تجمع فيها وتطرح منذ بدء الحرب.
وأجمل ما في الشعار أنه يستعير اللهجة العامية المصرية في صياغة المعنى الذي يريد أن يقدمه لإسرائيل ولغير إسرائيل، ممن يقفون وراءها، أو يدعمون توجهاتها في قضية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة.
يقول الشعار : مش طالعين !

وعندما تتوقف أمامه لتتأمله ، تكتشف أنه عميق رغم بساطته ، وتكتشف أنه ينطوي على قدر من التحدي والصمود تراه كل عين ولا تخطئه .

ذلك أن سياسة اسرائيل منذ بدء حربها على القطاع في السابع من أكتوبر ، لم تكن تريد الحرب في حد ذاتها ، ولكنها كانت ولا تزال تعمل على هدف أبعد هو أن ييأس الغزاويون فيغادرون أرضهم ، أو أن يكون الرحيل عن أرض القطاع هو الخيار الذي لا بديل عنه أمامهم .

وفي هذا السبيل كانت المطاردة المستمرة للغزاويين هي السياسة المتبعة طول الوقت ، فكان الغزاويون يجدون أنفسهم مضطرين الى التحرك من شمال القطاع الى الوسط ، ثم من الوسط الى خان يونس ، ومن خان يونس الى مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع .. ثم كانوا يجدون أنفسهم يبدأون رحلة معاكسة من الملاحقة والمطاردة من جديد .

وفي كل المرات كان الهدف أن يفقد المواطن الغزاوي الأمل ، وأن يهرب الى أي باب ينقذه من هذه المطاردة التي لا تتوقف ، والملاحقة التي لا سقف لها ، ولكنه كان أشد تمسكاً بأرضه مما تتصور أو تخيل نتنياهو وكل أعضاء حكومته .

وعندما أنشأت الولايات المتحدة رصيفها العائم على شواطئ غزة، كان الظن غير المعلن من جانب الإسرائيليين والأمريكيين أنه يمكن أن يكون منفذاً للخروج أو الهروب أمام كل غزاوي، ولكن خاب هذا المسعى وتبين للأمريكيين وغيرهم أنه لا جدوى من التفكير في أن يغادر الفلسطينيون أرضهم، وأن كل الذين يتصورون أن غزة يمكن أن تكون لغير الفلسطينيين مخطئون .

وهكذا بدا أن كل تفكير في الدفع بالفلسطينيين خارج القطاع كان مصيره الفشل، كما أن كل عمل لا يهدف الى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على الأرض المحتلة كان يعود بأصحابه الى المربع الأول في كل مرة .

ولا بد أن شعار ” مش طالعين ” يوجز حصيلة الحرب مهما طالت، وينصح العقلاء في الدولة العبرية بأن يضغطوا لوقف هذه الحرب التي لا جدوى منها، ويقول أن هذه أرض فلسطينية ولن تكون غير ذلك، وأن الرهان على أن الفلسطينيين يمكن أن ” يطلعوا ” من الأرض هو رهان فاشل بامتياز .

Source link

إرسال التعليق

ربما فاتتك